Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 18 سبتمبر 2021

41المسرح المصرى فى السبعينات تجربة السيد حافظ بقلم د/ مصطفى عبد الغنى

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(41)


 

المسرح المصرى فى السبعينات
تجربة السيد حافظ
بقلم د/ مصطفى عبد الغنى

دراسة من كتاب

المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة

 

المسرح المصرى فى السبعينات
تجربة السيد حافظ
بقلم د/ مصطفى عبد الغنى

 


 

اذا كان التجريب فى بعض درجاته يتحول إلى مسرح ملحمى , فهو عند درجاته الاخرى , الجامحة , يمكن ان يتحول إلى مسرح آخر, لا يرتبط بالملحمية , بقدر ما يرتبط بالقاعدة الشهيرة ان ( القاعدة هى اللاقاعدة فى الفن ) ..وهذا يعنى بالمفهوم البسيط ان الفن يمكن ان يكون فى ممارساته الفنية تنظيرا لاية نظرية, ولا يكون من الضرورى دائما ان ترتدى هذه الممارسة ثوب الفن ( الضيق ) فى بعض الاحيان .. غير ان التجريب بدون وعى فنى يصبح جموحا طائشا .. ومن هنا نرى حركة التمرد على الشكل الدرامى , فى اتجاه المسرح الملحمى لونا من الوان (الفن) الوعى , وقلما نجد الجموح بدون وعى فنا بأى مقياس .. وعلى أية حال , فان التمرد عند عبد العزيز حمودة وفوزى فهمى جاوز الحد عند كاتب آخر عرف فى نفس العقد – السبعينيات – هو السيد الحافظ فلنر حدود هذا التمرد فى اتجاه التجريب عند هذا الكاتب .. اذا كان يوسف ادريس فى الستينيات حاول الخروج  من إطار المسرح الاوروبى بمحاولته فى (البروسنيوم( الاوربى اكثر من الكتاب فى هذا الوقت , فاذا جاوزنا الستينيات إلى السبعينيات فسوف نرى فى محاولات السيد حافظ احدى هذه المحاولات التى جاوزت حد التمرد إلى حد الثورة على كل التقنيات المعروفة وغير المعروفة .

وربما تعود جذور التجريب عند السيد حافظ إلى المناخ الذى عاش فيه , والذى يصفه سعد اردش فى مقدمة دراسته التى ضمنها عدة نصوص صدرت للكاتب بعنوان (أميرة السينما). يقول سعد اردش ان هذا الكاتب ينتمى إلى جيل ( عاش حياته ويعيش شبابه ملتاعا يكتوى بسلسلة من الهزائم الوطنية والقومية , وكان من الممكن ان يعيش عصر التحرر , والاشتراكية , والعدالة , والضيق من كل ما كان يثقل كواهل الاجيال السابقة , وما حاربت من اجل الخلاص منه أجيال 1919-1948, وما قامت من اجله ثورة يوليو 1952 وما تلاها ) وهذا الجيل لم يعان وحسب فى مجال السياسات , أو فى مجال المجتمع , وانما أيضا فى مجال الثقافة , فقد كان محظورا عليه – كما يقول الكاتب – الاقتراب من هيئة المسرح والثقافة الجماهيرية .. إلى غير ذلك من المؤسسات الثقافيه (السياسة30-6-1984) كما كان محظورا عليه ان يتعامل مع مثقفين حكم عليهم أما بالصمت أو الرحيل إلى دول ( البترو دولار ) , ومن ثم , فبقدر وطأة المناخ وعسفه , بقدر ما كان التمرد على الشكل الفنى والثورة عليه. ومن هنا , فبينما اقترب بعض كتاب جيله بحذر شديد من المسرح التجريبى , اقترب هو منه بشكل حاد محاولا اعادة تركيب جماليات الشكل المسرحى ليعيد توزيعها تبعا للمضمون الذى كان يحتوى على قدر عنيفا من المرارة والغضب . وهذه المحاولة التجريبية نجدها عنده بدءا من العنوانات  الغريبة التى اختارها لنصوصة من امثال (كبرياء التفاهة فى بلاد اللا معنى| الطبول الخرساء فى الاودية الزرقاء| حدث كما حدث ولكن لم يحدث اى يحدث | حبيبتى انا مسافر والقطار وانت والرحلة والانسان | هم كما هم ولكن ليسوا هم الزعاليك| الحانه الشاحبة العين .. الخ ) .. ويمتد الجموح من العناوين إلى الشكل الذى اختاره اذ نلحظ انه يهجر فترة تقسيم المسرحية إلى ثلاثة فصول أو أربعة فصول فى أغلب الآحيان , فاذا هو يحكم بوضع الموقف والخروج منه بحيلة فنية جديدة , انه فى نص مثل ( 6 رجال فى معتقل 500 / ب  شمال حيفا ) يقسم النص إلى عدة جسور (الجسر الأول|الجسر الثانى ) , أما فى ( أميرة السنما ) يقسم نصه إلى لقطتين ( لقطة أولى | لقطة ثانية ) , ثم هو فى نص (الخلاص)  يقسم نصه إلى ثلاثة حدود ( الحد الأول|الثانى|الثالث ) .. إلى غير ذلك . كما يبدو هذا الجموح فى تحطيم عناصر الشكل المركب واتساق اللغة الواحدة والقوالب التقليدية والشخصيات والحوار إلى غير ذلك من اتجاهات عديدة منها الدرامى والملحمى والتجريبى , وتتدخل الحدود حتى  يصعب معها تحديد هذا الشكل أو ذاك , اننا فى احد نصوصه الأخيرة نجد انه لايكاد الممثلون ينتهون من القاء أغنية لها علاقة حميمة بالنص , حتى نرى عمال المسرح يخرجون بعد الانتهاء من الاغنية , والأضواء ساطعة ليخاطبوا الجمهور , صائحين : احنا مش ممثلين .. احنا شيلنا الديكور وجيبنا ديكور جديد .. كل واحد فيكم عليه ان يغير الديكور اللى جواه الديكور القديم احنا بنهد وبنبنى لكن فيه ناس بتهد وبس .. بتهد وبس .. واحنا مش ساكتين لها .. واحنا يا اما حانقف لها يا اما تغير طريقها يا اما ندبحها ..

وفى الوقت الذى يستطيع فيه عمال الاضاءة تغيير مستلزمات الاضاءة امام الجمهور , فان المخرج يخرج ليحادث الجمهور ’ فيقول : احنا كلنا معاكم مخرج وكاتب وعمال مسرح وممثلين لان الحرب فى رأينا ما انتهتش وما بتنتهتيش لان العدو يرجع ثانى زى ما كان قبل حدود 48 الحرب مستمرة خليكم معانا .. ( حكاية الفلاح ص 197 ) .

وحين يخرج المخرج وعمال الاضاءة يعود الممثلون ليكملوا تمثيل الموقف.

ان العودة للتراث فى الحقبة الأخيرة ارتبط بعاملين :

الأول : ربط المشاهد بالاتجاه الملحمى .

الثانى : الحفاظ على الهوية العربية .

والمتابع لحركة العود إلى التراث العربى يدرك انها بدأت فى السبعينات مع كتاب هذا العقد ( كانت لها ارهاصات كثيرة فى أعمال شوقى وباكثير وعزيز أباظة وغيرهم حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ) , ولم تلبث هذه الحركة ان تعمقت أكثر مع كتاب السبعينات أو منذ  نهاية السبعينات وبداية الثمانينات (بالنسبة لهذا العقد) , مما يشير إلى أن كثيرا من كتاب السبعينات من الجيل الثالث فى السبعينات القت فى تيار الثمانينات ما عمق هذا التيار فى اتجاه العود إلى ظواهر التراث العربى .               

البديهى أن العود لم يكن فقط للاحساس المفقود بالقومية , واما ,أيضا , كما سنرى للبحث عن تقنيات فنية من شأنها ان تقوم بدور ( التراسل ) الفنى مع الجمهور ، وهو ما يتأكد أكثر على مستوى ابداعيات هذا العقد , وهو ما بدأ فى شكل (كسر الايهام) أو(اللعبة المسرحية) وما إلى ذلك من مستويات التقنية البريختية خاصة وان بريخت نفسه كان قد قرر فى فترة سابقة ان ثمة قرابة وثيقة بين مسرحه والمسرح الشرقى- والاسيوى-  بوجه خاص.  ونستطيع ان نراجع بعض الاشارات البسيط التى فى أذهاننا حول مسرحية بيرانديللو الشهيرة ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف ) لندرك إلى أى حد استخدام الكاتب الفرنسى الشهير العناصر التراثية العربية من خيال الظل أو المصباح السحرى أو الدلالات القديمة التى راح يستخدمها بحياء شديد كتاب كبار من أمثال توفيق الحكيم فى ( الطعام لكل فم ) ثم محمود دياب ( ليالى الحصاد ) ونجيب سرور (يا بهية وخبرينى) واستخدام بيراندللو تركز فى المقام الأول حول ما يسمى (بالمسرح داخل المسرح) وما لبث أن راح العديد من كتاب السبعينات يتلقفون هذه الحيلة ويطورونها خلال شخصياتهم .. ويلاحظ ان هذا الاستخدام اقترن بالفترة الأخيرة بالنسبة لكتاب  السبعينات، أى هذه الفترة التى مالوا فيها، جميعاً، إلى التراث العربى وظواهره وما لبث أن طورها أكثر كتاب الثمانينات من نفس الجيل (*)

(*) حول استخدام الظاهرة التراثية، انظر دراستنا الأخرى (مسرح الثمانينات) التى صدرت عن ( دار الف ) بالقاهرة 1985، وفيها فصلنا بقية التحولات عند بقية التحولات عند بقية الجيل الثالث من كتاب المسرح المصرى - فى الثمانينات .. باعتبار ان كتاب السبعينات والثمانينات يمثلون - جميعا الجيل الثالث من كتاب المسرح فى مصر.

 

الظواهر التراثية تتعدد وتتباين عند كتاب السبعينات .. ان عبد العزيز حمودة وفوزى فهمى مولعان بهذه الظواهر من خيال الظل والاراجوز إلى صندوق الدنيا والبلياتشو وما إلى ذلك ، وان كنا نعثر عليها فى ( القالب ) الغربى ، كما نعثر عليها موظفة توظيفا حادا فى ( التطور ) الغربى لفن المسرح ، وهو ما يختلف معهم فيه بقية هذا الجيل ممن ظهروا فى الثمانينيات والذين استخدموا المحبظين والمشخصاتية والبابات والدواوين وما إلى ذلك .. هذه هى الاجابة الأولى ، البديهية ، أن طبيعة التطور الفنى كانت تقتضى تلمس ظواهر التراث سواء فى التاريخ أو الميثولوجيا للبحث عن وسيلة ( التواصل ) مع الجمهور ، أما الاجابة الأخرى ، المركبة ، فهى تجاوز التطور الفنى إلى التطور التاريخى وروح العصر .. كان العود إلى التراث الآن يعنى البحث عن الهوية القومية فى زمن افتقدنا فيه الهوية المستقلة ، وقد تبدى هذا المناخ فى الشرق العربى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، حين اكتشف الشرق العربى ان ثمة فارقا بين حضارة الغرب وبين اطماعه الاستعمارية ، واذا كان الغرب يحاول الزعم بانه يريد ( تنوير ) العرب وادخالهم عصر الحضارة ، فلانه كان يريد ان يستخدم هذه الحضارة من اجل تنفيذ أحلامه الاستغلالية التى تحولت الآن من الاستعمار المباشر إلى الهيمنة الاقتصادية . كان البحث عن ( هوية ) معاصرة يعنى ، فى المقام الأول ، البحث عن وسيلة (مواجهة) يستطيع بها عالمنا العربى ان يقف بها ندا لهذه القوى الغاشمة . وقد بدأ هذا فى صورة الابتعاد عن مؤثرات الغرب الثقافية فى وقت الاقتراب فيه من تراثنا، ذاكرتنا الحية.

وهذا الابتعاد والاقتراب لا يعود إلى القريب ، بعد الحرب العالمية الثانية وحسب ، وانما يعود إلى أبعد من ذلك بكثير ، منذ اكتشف الغرب الشرق ، وحاول ان يلعب معه لعبة مخادعة ، فلا يخلو من مغزى ان أول مسرحية مؤلفة فى تاريخنا الفنى كان عنوانها هو ( أبو الحسن المغفل ) لمارون نقاش ، وهو اسما عربيا كما نرى ، وهو يحمل دلالة ايجابية مباشرة كما نرى ، وهو ينتمى إلى نص ينتمى إلى البنية الحكائية ( لألف ليلة وليلة ) أيضا كما نرى ! هذا يعنى ان الاتجاه نحو المسرح الملحمى ، أو التأرجح بين الاتجاه الملحمى والاتجاه التجريبى الجامح .. لم يكن بقصد ( ركوب الموجة ) فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات ، وانما كان بفعل تراكم الاحساس بالهوية المفقودة ومحاولة استعادة الشخصية القومية منذ زمن بعيد ، خاصة ، اذا ما وضعنا فى الاعتبار ان عقد السبعينيات ، خاصة ، تميز بضخامة التغيرات والأحداث التى هزت الوجدان العربى بعنف شديد (ولنذكر من جديد : هزمية 67 ، الانتفاضة الطلابية يناير 72 ، أحدث 18 ، 19 يناير 77 ، صلح كامب ديفيد ، سياسة الانفتاح الاقتصادى 74 ، مظاهرات أول يناير 75 ، ترسانة القوانين الاستثنائية كقانونى حماية القيم من العيب وحماية الجبهة الداخلية ، استحداث نظام المسعى الاشتراكى فى التشريع المصرى .. الخ) . ولسنا فى حاجة لنؤكد من جديد ان عقد السبعينات لم ينجب كتابه فقط من أولئك الذين أشرنا اليهم هنا ، وانما انجب العديد من الكتاب الآخرين ، الذين وان لم يلعبوا هذا الدور دراميا محسوسا فى السبعينيات ، فانهم راحوا يلعبون هذا الدور فى الثمانينيات ، حيث كان تيار السبعينيات يلقى فى الثمانينيات ليزيد من جريان هذا العقد . ولنخرج ، أكثر ، فى شئ من التفصيل ، لكتاب السبعينيات وموقفهم من التراث ..

تتحدد بعض محاولات هذا العقد لكنها تحمل معها بعض الهنات .. ان فوزى فهمى يلجأ إلى التاريخ الاسلامى فى نص ( لعبة السلطان ) خلال فترة الرشيد ، فيتلمس عناصر شعبية متوارثة مثل الراوى وصندوق الدنيا ، غير ان محاولاته ، شأنه شأن كتاب السبعينيات ، مازالت تعانى من سيطرة التقنية الغربية فى صياغة الحدث والحوار الدرامى ، أما عبد العزيز حمودة فانه يعتمد ، كسلفه ، على الصياغات التاريخية التى يتلمس فيه أيضا عديدا من الظواهر التراثية خاصة فى النص ( الظاهر بيبرس ) حيث يعتمد على عروض خيال الظل ، واستيحاء بعض الشخصيات الخاطبة والامير وصال وبعثته لشخصية أم رشيد التى عرفناها عند مجد بن دانيال فى باباته خاصة أم رشيد الخاطبة ، ورغم ان عبد العزيز حموده يجهد ، أكثر من سواه فى السبعينيات ، فى طريق التأصيل واستلهام الشخصيات والظواهر القديمة ، فمازال يتأرجح بين القديم والجديد ، وما زال القالب الارسطى يزاحم القالب الملحمى ، وما زال جهده فى هذا الصدد لم يصل إلى طريق الصياغة الأخيرة وحين نصل إلى السيد حافظ ، تقابل بزخم عنيف من هذه المحاولات التجريبية والطليعية ، يمضى الكثير منها فى طريق التراث ، وهو ما يبدو فى نص مثل (ظهور واختفاء أبو ذر الغفارى) للاشارة إلى تأكيد ضياع قيمة العدالة الاجتماعية وهيبة الكرامة الانسانية فى هذا العصر ، وفى نص ( حكاية الفلاح عبد المطيع ) ذلك الذى يعيش فى عصر سلطان عربى تصل به ديكتاتوريته إلى حد بعيد ، حتى انه يتحكم فى لون الملابس التى يرتديها هذا الفلاح الاعزل ، الذى لا يملك غير حق الفض والموافقة ان كل من تلمس التراث ووظفه من عقد السبعينيات راح يسقط هذا التراث على شاشة الحاضر ليرى من خلاله تلك القيم السياسية الضائعة فى عالمنا المعاصر والآن ... نستطيع العود إلى سؤال البداية فنحاول الاجابة عنه : ما سر التحول إلى التراث العربى ؟

الاجابة تستمد مكوناتها من طبيعة هذا العصر الذى نعيش فيه ودرجة تعرض الهوية العربية للعبث والخطر الخارجى ، فبقدر ما تشتد أسباب التحدى بقدر ما تستد دواعيه .. ويكون مسرح السبعينيات ان يلقى فى تيار الثمانينات فيما بعد فى محاولة لتغذية هذا التيار والاسراع بجريانه. وصفوة القول ، ان العود إلى التراث وظواهره الدرامية بدأ فى الخمسينيات والستينيات ، وبدأ أكثر تبلورا فى نهاية السبعينيات ، حتى اذا ما كانت الثمانينيات ، ونشط جيل ينتمى إلى جيل السبعينيات - جيل الثمانينيات - حتى كان تيار العود إلى التراث قد استند ، ومن ثم ، عرفنا الابتعاد قليلا قليلا عن الدراما الغربية بمفهومها الارسطى ، واقتربنا من المفهوم الملحمى ، الذى هو ، بالتبعية ، اقتراب من الظواهر العربية التى تعيد لنا شخصيتنا التاريخية ونعتقد ان هذا ما يحدث الآن ..

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More